سورة الزخرف - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


مَنْ لم يعرف قَدْرَ الخلوة مع اللَّهِ فحاد عن ذكره، وأَخلدَ إلى الخواطر الردَّية فيَّضَ اللَّهُ له مَنْ يَشْغَلُه عن الله- وهذا جَزاءُ مَنْ تَرَك الأدبَ في الخلوة. وإذا اشتغل العبدُ في خلوته بربِّه.. فلو تعرَّض له مَنْ يشغله عن ربه صَرَفه الحق عنه بأَي وجْهٍ كان، وصَرَفَ دواعيه عن مفتاحته بمَا يشغله عن الله.
ويقال: أصعبُ الشياطين نَفْسُكَ؛ والعبدُ إذا لم يَعْرِفْ خَطَرَ فراغ قلبه، واتَّبَعَ شهوته، وفتح ذلك البابَ علَى نَفْسه بقي في يد هواه أسيراً لا يكاد يتخَلّصُ عنه إلا بعد مُدَّة.


الذي سوّلت له نَفْسُه أمراً يَتَوَهَّمُ أنه على صواب، ثم يحمل صاحبَه على موافقته في باطله، ويدّعي أَنه على حقِّ. وهو بهذا يَضُر بِنَفْسِه ويضر بغيره. ثم إذا ما انكشف- غداً- الغطاء تبيَّن صاحبُه خيانَته، ونَدِمَ على صُحْبَتِه، ويقال: {يَا وَيْلَتَى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً} [الفرقان: 28] و{يَالَيْتَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ}. ولكنَّ هذه الندامةَ لا تنفعُ حينئذٍ؛ لأنّ الوقتَ يكونُ قد فات، لهذا قال تعالى: {وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِى الْعّّذَابِ مُشْتَرِكُونَ}.


قوله جلّ ذكره: {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِى العُمْىَ وَمَن كَانَ فِى ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}.
هذا الاستفهام فيه معنى النفي؛أي أنه ليس يمكنُكَ هدايةَ مَنْ سَدَدْنا بصيرته، ولبَّسْنا عليه رُشْدَه، ومَنْ صَببْنا في مسامع فَهمه رصاصَ الشقاء والحرمان... فكيف يمكنك إسْمَاعه؟!
قوله جل ذكره: {فَإِمنَّا نَذَْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ}.
يعني: إنْ انفضى أَجَلُكَ ولم يتفق لكَ شهودُ ما نتوّعَدُهم به فلا تتوَهَّمْ أَنَّ صِدْقَ كلامنا يشوبه مَيْنٌ، فإنّ ما أَخبرناك عنه- لا محالة- سيكون.
قوله جلّ ذكره: {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِى وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ}.
أَثبتَهُ عَلَى حدِّ الخوفِ والرجاء، ووقَفَهُ عَلَى وصفِ التجويز لاستبداده- سبحانه بعلم الغيب. والمقصود كذلك أن يكونَ كلُّ أحد بالنسبة لأمر الله من جملة نظارة التقدير- فاللَّهُ يفعل ما يريد.
قوله جلّ ذكره: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِسمٍ}.
اجتهِدْ من غير تقصير وتوكَّلْ على اللَّهِ من غير فُتور، وِقفْ حيثما أُمِرْتَ، وثِقْ بأنك على صِراطٍ مستقيم.
قوله جلّ ذكره: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ}.
أي إنَّ هذا القرآن لَذِكْرٌ لك؛أي شرفٌ لك، وحُسْنُ صيتٍ، واستحقاقُ منزلةٍ.
قوله جلّ ذكره: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ}.
حَشَرَ أرواحَ الأنبياءِ- عليهم السلام- ليلةَ الإسراء، وقيل له- صلى الله عليه وسلم: «سَلْهم: هل أَمَرْنا أحداً بعبادة غيرنا؟ فلم يَشُكّ النبي- صلى الله عليه وسلم- ولم يسأل».
ويقال: الخطابُ له، ولمرادُ به غيره.. فَمَنْ يرتاب في ذلك؟ ويقال: المراد منه سَلْ أقوامهم، لكي إذا قالوا إن الله لم يمر بذلك كان هذا أبلغ في إبرام الحجة عليهم.
قوله جلّ ذكره: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِئَايَاتِنَا.... إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ}.
كرَّر قصةَ موسَى غيرَ مرةٍ في القرآن، وأعادَها هنا مجملةً؛ أرسلناه بدلائلنا، أرسلناه بحجةٍ ظاهرةٍ قاهرةٍ، أرسلناه بالمعجزات إلى فرعون وقومه من القبط، فقوبل بالهزء والضحك والتكذيب. ومع أنَّ اللَّهَ سبحانه لم يُجْرِ عليه من البيِّنات شيئاً إلا كان أوضحَ مما قبله إلا أنهم لم يقابلوه إلا بجفاءٍ أَوْحَشَ مما قبله. فلمَّا عضَّهم الأمرُ قالوا: يا أيها الساحرُ، أدْعُ لنا ربَّك ليكشف عنَّا البليَّةَ لنؤمِنَ بك، فدعا موسى , فكشف اللَّهُ عنهم، فعادوا إلى كفرهم، ونقضوا عَهْدَهُم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10